أخبار:الإمارات تبني مهبط طائرات بجزيرة زقر اليمنية بباب المندب
- الإمارات تبني مهبط طائرات بجزيرة زقر اليمنية في باب المندب.
في أكتوبر 2025، أظهرت صور ساتلية قيام الإمارات العربية المتحدة ببناء مهبط طائرات في جزيرة زقر اليمنية، الواقعة بين اليمن وإرتريا، قرب مضيق باب المندب. وهذه ليست المرة الأولى التي تُنشئ فيها الإمارات بنية تحتية عسكرية في اليمن دون ترخيص.
وبحسب الصور الساتلية التي نشرتها شركة بلانت لابز، يظهر مهبط طائرات يبلغ طوله نحو 2000 متر في جزيرة زقر، الواقعة على بعد نحو 90 كم جنوب شرق مدينة الحديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله، والتي تُعد مركزاً رئيسياً للشحن. ويُرجَّح أنه أحدث مشروع تنفذه القوات المتحالفة مع الأطراف المناهضة للحوثيين. تشير الصور إلى أن العمل على بناء رصيف في الجزيرة بدأ في أبريل 2025، تلاه تجريف الأرض على امتداد موقع المهبط. وبحلول أواخر أغسطس، بدا أن طبقة من الأسفلت قد وُضعت على امتداد المهبط. أما صور أكتوبر، فتُظهر تواصل أعمال الإنشاء، وقد بدت حدود المهبط تظهر بشكل أوضح في منتصف الشهر.
لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن أعمال البناء، غير أن بيانات تتبع السفن التي حلّلتها أسوشييتد پرس تُظهر أن سفينة الشحن باتسا، التي ترفع علم توگو والمسجّلة باسم شركة بحرية مقرها دبي، أمضت نحو أسبوع إلى جانب الرصيف الجديد في جزيرة زقر بعد وصولها من بربرة في الصومال، حيث تدير موانئ دبي العالمية ميناءً هناك. وقد رفضت الشركة الإدلاء بأي تعليق. وقد أقرت شركة "سيف للملاحة والخدمات البحرية"، التي تتخذ من دبي مقراً لها، بأنها تلقت طلباً لنقل شحنة من الأسفلت إلى الجزيرة، يُرجَّح أنه استُخدم في بناء الرصيف لصالح شركات أخرى مقرها الإمارات.[1]
ارتبطت شركات بحرية أخرى مقرها الإمارات بمشاريع إنشاء مهابط طائرات في اليمن، اتضح لاحقاً ارتباطها بجهات إماراتية. في مدينة المخا على البحر الأحمر، يتيح مشروع توسعة المطار هناك هبوط طائرات أكبر حجمًا بكثير، كما بات يوجد مدرج آخر في منطقة ذباب القريبة. كما يوجد مدرج آخر في جزيرة عبد الكوري بالمحيط الهندي، قرب مدخل خليج عدن. وفي مضيق باب المندب نفسه، يوجد مدرج آخر بناه اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي في جزيرة ميون.
جزيرة زقر وموقعها الاستراتيجي
تشكّل جزيرة زقر موقعاً استراتيجياً في البحر الأحمر. وقد استولت إرتريا عليها عام 1995 بعد اشتباكات مع القوات اليمنية، قبل أن تُقرّ محكمة دولية عام 1998 تبعيتها رسمياً لليمن. لكن الجزيرة وجدت نفسها مجدداً في قلب النزاع، بعدما استولى أنصار الله على العاصمة صنعاء عام 2014 وبدأوا زحفهم جنوباً، لتسقط زقر في أيديهم. وتسيطر جماعة أنصار الله، على معظم مناطق غرب اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. فيما تُسيطر على الجزيرة قوة انفصالية يمنية تُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي مناهضة لأنصار الله، وقد أقرت بدور الإمارات في تشييد المطار. يشكل مهبط الطائرات في جزيرة زقر حلقة وصل إضافية ضمن شبكة من القواعد البحرية الواقعة في منطقة حيوية للملاحة الدولية، شهدت تنفيذ أنصار الله أكثر من مئة هجوم استهدف السفن، ما أسفر عن إغراق أربع منها ومقتل ما لا يقل عن تسعة بحارة، في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد تمنح هذه القوة العسكرية القدرة على تنفيذ عمليات مراقبة جوية فوق البحر الأحمر وخليج عدن، إضافةً إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي الضيق الذي يربط الممرين المائيين قبالة سواحل شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
تمكنت القوات المناهضة لأنصار الله خلال الأشهر الأخيرة من اعتراض عدد متزايد من الشحنات المتجهة إليهم، وهو ما قد يسهم فيه الوجود العسكري في جزيرة زقر. في هذا السياق، تقول إليونورا أردماني، الباحثة والمحللة المتخصصة في الشأن اليمني لدى المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إنّه "لا يمكن استبعاد احتمال شن هجوم يمني جديد ضد أنصار الله بدعم من التحالف الذي تقوده السعودية، رغم أنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث قريباً". وتُضيف: "أرى أن النقطة الأهم في ما يتعلق بالتعزيزات في جزيرة زقر هي مكافحة أنشطة التهريب التي ينفذها الحوثيون، ولا سيما تلك المرتبطة بالأسلحة".
دخلت السعودية والإمارات الحرب عام 2015 دعماً لحكومة اليمن في المنفى، ونجحتا في وقف تقدم أنصار الله. كما تمكنتا من دحرهم من جزيرة زقر واستعادة السيطرة عليها، لتتحول الجزيرة إلى قاعدة انطلاق للقوات البحرية الموالية لطارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح. وكان صالح الأصغر سناً، الذي كان حليفاً لأنصار الله قبل أن يغير عمه موقفه ويقتله المتمردون عام 2017، مدعوماً من الإمارات. ومنذ ذلك الحين، ظلت الخطوط الأمامية للحرب ثابتة لسنوات. وما تغيّر هو انتقال أنصار الله بحملتهم إلى الساحة الدولية عبر شن هجمات استهدفت السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. واستمرت تلك الهجمات رغم الحملة الجوية المكثفة التي استمرت أسابيع، والمعروفة باسم "عملية الراكب الخشن"، التي أطلقتها الولايات المتحدة، إلى جانب الضربات الإسرائيلية المتواصلة، والتي يبدو أنها تقترب من القيادة العليا لأنصار الله رغم طبيعتهم السرية.
الدور الإسرائيلي
عملت الإمارات عملت على بناء مطارات عسكرية، حظائر للطائرات، مساكن للخبراء، منصات مراقبة، وسجون سرية في ميون وزقر. الهدف المباشر هو السيطرة على حركة الملاحة وتثبيت حضور عسكري دائم، متخفياً خلف واجهة التحالف العربي. بعد اتفاقيات التطبيع، انخرطت شركات إسرائيلية متخصصة في نصب أنظمة رصد واعتراض متطورة في الجزيرة. هذه الأنظمة لا تكتفي بمراقبة السفن اليمنية، بل تشمل حركة ناقلات النفط العالمية والقطع البحرية العابرة من وإلى قناة السويس.[2]
تحولت ميون إلى محطة ترانزيت وصيانة للسفن التجارية والحربية، مع فرض رسوم تتراوح بين 80.000 و200.000 دولار للعملية الواحدة. هذه العوائد تُحوّل إلى حسابات في دبي بعيداً عن أي رقابة يمنية أو دولية، ما يجعل الجزيرة مشروعاً ربحياً يوازي أهميته الاستراتيجية. أما الخطر الأكبر يكمن في انخراط إسرائيل المباشر. محضر اجتماع يوليو 2020 بين وفدين إماراتي وإسرائيلي في قاعدة عصب الإريترية، كشف عن خطة واضحة للسيطرة على الموانئ والجزر، وإرسال قوات عربية لإخفاء الحضور الإسرائيلي. ويوضح ذلك أن المشروع يتجاوز الإمارات، ليشكل غطاءً إقليمياً لمشروع إسرائيلي أوسع للهيمنة على طرق التجارة والطاقة في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "الأقمار الصناعية تكشف عن مشروع جديد لمهبط طائرات في جزيرة زقر قبالة اليمن.. ما علاقة الإمارات؟". يورو نيوز. 2025-10-20. Retrieved 2025-10-22.
- ^ "مؤامرات الإمارات في جزيرتي ميون وزقر وباب المندب في اليمن". الإمارات ليكس. 2025-09-24. Retrieved 2025-10-22.