بروتوكول (ديبلوماسية)

في السياسة الدولية، يُقصد بـالبروتوكول الآداب المتبعة في الدبلوماسية وشؤون الدولة. وقد يشير أيضًا إلى اتفاق دولي يُكمل أو يُعدّل معاهدة ما.
البروتوكول هو قاعدة تصف كيفية تنفيذ نشاط معين، وخاصة في مجال الدبلوماسية. وفي الخدمات الدبلوماسية والمجالات الحكومية، غالبًا ما تكون البروتوكولات إرشادات غير مكتوبة. وتُحدّد البروتوكولات السلوك السليم والمقبول عمومًا في شؤون الدولة والدبلوماسية، مثل إظهار الاحترام الواجب لرئيس الدولة، وترتيب الدبلوماسيين حسب الترتيب الزمني لاعتمادهم لدى البلاط، وغير ذلك.
ومن التعريفات الشائعة:
البروتوكول يوصف عادةً بأنه مجموعة من قواعد المجاملة الدولية. هذه القواعد الراسخة والمجربة على مر الزمن سهّلت على الدول والشعوب أن تعيش وتعمل معًا. وجزء من البروتوكول كان دائمًا الاعتراف بالترتيب الهرمي لجميع الحاضرين. وتستند قواعد البروتوكول إلى مبادئ اللياقة. — د. پ.م. فورني، نيابةً عن الجمعية الدولية لمستشاري ومسؤولي البروتوكول.
تعريفات
لـ"البروتوكول" معنيان في سياق العلاقات الدولية. بالمعنى القانوني، يُعرّف على أنه اتفاق دولي يُكمّل أو يُعدّل معاهدة قائمة. أما بالمعنى الدبلوماسي، فيشير المصطلح إلى مجموعة القواعد والإجراءات والأعراف والمراسم التي تنظم العلاقات بين الدول. وعمومًا، يُمثّل البروتوكول النظام المعترف به والمقبول عمومًا في المجاملة الدولية (كوميتاس جينتيوم).[1] [2]
يرجع أصل مصطلح بروتوكول إلى اللغة اليونانية عبر اللاتينية في العصور الوسطى والفرنسية، من الكلمة πρωτόκολλον protokollon التي تعني "الصفحة الأولى الملصقة على لفافة البردي". وترجع هذه التسمية إلى عادة لصق ورقة على مقدمة الوثيقة لحمايتها عند ختمها، ما يضفي عليها طابعًا من المصداقية الإضافية. في البداية، ارتبط مفهوم البروتوكول بأشكال التفاعل الرسمية في المراسلات بين الدول، والتي كانت غالبًا ما تتسم بالتفصيل والتعقيد. ومع مرور الوقت، أصبح يشمل نطاقًا أوسع من العلاقات الدولية.[3]
[4]
تُنشئ قواعد البروتوكول مساحة تُعقد فيها اللقاءات. وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو متناقضًا، فإن إطار البروتوكول لا يقيّد الفضاء، بل يخلقه. فمن خلال ضمان تنظيم سلس، يتمكن المشاركون، وبخاصة من يقوم بدور المضيف، من التركيز على مضمون الحدث دون القلق من المفاجآت. وبهذا المعنى، لا يؤدي البروتوكول دورًا تقييديًا فحسب، بل يُعد موردًا تواصليًا يتيح التفاعل بل ويُعزّزه. كما أن بنيته الثابتة توفّر إطارًا متوقعًا يُمكّن المشاركين من ممارسة أشكال دقيقة من التفاعل والإشارة إلى العلاقات.
الوجه الآخر للبروتوكول: قيمته الرمزية. الفعاليات والطقوس، مثل الافتتاح الرسمي للدورة البرلمانية وخطاب العرش في المملكة المتحدة، تهدف إلى تجسيد القيم الديمقراطية للدولة. وينطبق الأمر ذاته على كل مراسم تسير وفق نمط متكرر إلى حد ما، مثل تبادل الخواتم والعهود في حفلات الزفاف أو تسلّم الشهادات في حفلات التخرج. فالرموز تضيف بُعدًا معنويًا لقيم الجماعة، كما تُضفي عليها المصداقية والقوة وغالبًا الجمال أيضًا.
في الإسلام
عرف الإسلام منذ بداياته أصولًا واضحة للبروتوكول والآداب الدبلوماسية، تقوم على احترام الآخر، وحفظ المقامات، وتنظيم العلاقات الرسمية، وقد تجلى ذلك في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسلوك الخلفاء الراشدين من بعده.
فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في البروتوكول، مراعاته للتراتبية في الخطاب والمراسلة، فقد كان يخاطب الملوك والرؤساء بألقابهم المعترف بها، مثلما كتب إلى هرقل ملك الروم، وكسرى ملك فارس، والمقوقس حاكم مصر، مفتتحًا الرسائل بـ«من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم»، مما يدل على فهم دقيق لأصول المخاطبات الرسمية الدولية. كما كان يرسل السفراء ويعقد الاتفاقيات، ويلتزم بالأمانات والعهود، مثل صلح الحديبية، ومكاتباته مع القبائل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي سفراءه بالرفق، والعدل، والوضوح، كما في وصيته عبد الله بن رواحة حين أرسله إلى خيبر، أو عمرو بن أمية الضمري حين بعثه إلى النجاشي.
أما في عهد الخلفاء الراشدين، فقد استُمرّ على هذه السنن، حيث اعتُمدت المكاتبات الرسمية، وخُصصت ديوان الرسائل، وتم تنظيم الوفود وفق ترتيب يراعي أعراف القبائل ومكانتها. وحرص الخلفاء على استقبال الوفود الأجنبية بأدب وتقدير، كما فعل عمر بن الخطاب حين استقبل رسول ملك غسان، مع الالتزام في الوقت ذاته بكرامة الدولة الإسلامية واستقلالها.
وقد أسس ذلك لتراث إسلامي رصين في العلاقات الدولية، يجمع بين المقاصد الشرعية في العدل والإحسان، والأعراف الدولية في التنظيم والاحترام المتبادل. [5] [6] [7] [8]
في التاريخ العربي الحديث
شهدت الدول العربية في العصر الحديث تطورًا ملحوظًا في تنظيم البروتوكول الدبلوماسي، خاصةً مع نشوء الدول الحديثة بعد انهيار الدولة العثمانية، وتأسيس الوزارات والمؤسسات السيادية. وقد تأثرت الممارسات البروتوكولية في العالم العربي بالمزيج بين الإرث الإسلامي والتقاليد القبلية من جهة، والنظم الأوروبية الحديثة من جهة أخرى، وخصوصًا في الدول التي خضعت للانتداب أو الاستعمار الفرنسي والبريطاني.
ففي أوائل القرن العشرين، أنشأت معظم الحكومات العربية إدارات أو دوائر للبروتوكول ضمن وزارات الخارجية، تضطلع بتنظيم الاستقبالات الرسمية، وترتيب المراسلات، واعتماد السفراء، وتنظيم زيارات الوفود الدولية، بما يراعي أصول المعاملة الدبلوماسية وفقًا لاتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، والتي انضمت إليها أغلب الدول العربية.
وكانت بعض العواصم العربية مثل القاهرة وبيروت وبغداد مراكز نشطة للبروتوكول الدبلوماسي في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، حيث كانت تستضيف مؤتمرات جامعة الدول العربية، وقمم حركة عدم الانحياز، مما ساهم في ترسيخ أصول المعاملة بين الوفود، وتوحيد المصطلحات والإجراءات.
كما تطورت مراسم الدولة في المناسبات الوطنية، مثل حفلات تنصيب الرؤساء، واستقبال الزعماء الأجانب، وتقديم أوراق الاعتماد، وهي جميعًا مناسبات تُنظم وفقًا لقواعد بروتوكولية دقيقة، تُعبر عن هيبة الدولة وسيادتها، مع الحفاظ على طابع ثقافي محلي يميز كل دولة عربية عن الأخرى. [9] [10] [11] [12] [13]
المراجع
- ^ Oxford English Dictionary، مدخل: "Protocol".
- ^ Liddell and Scott، A Greek-English Lexicon، مدخل: πρωτόκολλον.
- ^ Oxford English Dictionary، مدخل: "Protocol".
- ^ Liddell and Scott، A Greek-English Lexicon، مدخل: πρωτόκολλον.
- ^ "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدورة الأولى" (PDF). مجمع الفقه الإسلامي الدولي. منظمة التعاون الإسلامي. 1985. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "العلاقات السياسية في الإسلام.. كيف نجح الرسول الكريم في إدارة دولة المدينة؟ وهل التجسس جائز شرعا؟". الجزيرة نت. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "العلاقات الخارجية | الديمقراطية في الإسلام | مؤسسة هنداوي". www.hindawi.org (in الإنجليزية). Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "العلاقات الدولية في الإسلام". مركز نهوض للدراسات والبحوث. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "التكييف القانوني للمعاهدات الدولية وأثره في تفسيرها وتطبيقها". مجلة البحوث القانونية والاقتصادية – جامعة المنصورة. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "العلاقات الدبلوماسية: الدبلوماسية العربية وتحدياتها". المجلس الأوروبي للعلوم الاجتماعية. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "آليات التحكيم في العلاقات الدولية: دراسة تحليلية" (PDF). منصة المجلات الأكاديمية المصرية. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "نظرية الاعتراف في القانون الدولي العام: دراسة تحليلية". مجلة الحقوق – جامعة الكويت. Retrieved 9 يوليو 2025.
- ^ "مبادئ العلاقات الدولية في الفكر السياسي الإسلامي". مجلة العلوم الاجتماعية – جامعة جنوب الوادي. Retrieved 9 يوليو 2025.
المراجع المطبوعة
- Jean Paul Wijers, Isabel Amaral, William Hanson, Bengt-Arne Hulleman, Diana Mather. Protocol to Manage Relationships Today: Modern Relationship Management Based Upon Traditional Values ، مطبعة جامعة أمستردام، ISBN 978-9463724159
- Gilbert Monod de Froideville & Mark Verheul. An Expert's Guide to International Protocol، مطبعة جامعة أمستردام، ISBN 978-9462981058
- Serres, Jean, Practical Handbook of Protocol، طبعة 2010، منشورات دي لا بييڤر، 3 شارع باستور - 92400 كوربڤوا، فرنسا. ISBN 978-2-905955-04-3
- Serres, Jean, Manuel Pratique de Protocol، الطبعة الحادية عشرة، منشورات دي لا بييڤر، 3 شارع باستور - 92400 كوربڤوا، فرنسا. ISBN 2-905955-03-1
- Forni, P.M. Choosing Civility: The 25 Rules of Considerate Conduct. نيويورك: سانت مارتن غريفين، أكتوبر 2003. ISBN 0-312-28118-8.
- McCaffree, Mary Jane، بولين إنيس، وريتشارد م. ساند، إسكواير. Protocol: The Complete Handbook of Diplomatic, Official and Social Usage, 35th Anniversary Edition. مركز دراسات كتاب البروتوكول الأحمر، أبريل 2013. ISBN 978-1-935451-16-7. [www.protocolredbook.com](http://www.protocolredbook.com)
- Berkowitz, Roni، Gadi Heimann، وZohar Kampf. Communicating through Protocols: The Case of Diplomatic Credential Ceremonies. International Political Sociology، المجلد 18، العدد 2، يونيو 2024. [[1](https://doi.org/10.1093/ips/olae013) [2](https://doi.org/10.1093/ips/olae013)].