زين الدين (عائلة)

تشرح هذه المقالة المُختصرة التاريخ العريق في الوطن العربي لعائلة زين الدين السُنية المُقيمة في مملكة البحرين ونسبهم الذي تعود فروعه الى مكة المكرمة في منطقة الحجاز بالمملكة العربية السعودية وتحديداً الى قبيلة بني هاشم العربية العدنانية.

مقدمة

يُعدّ تتبع تاريخ ونسب العوائل رحلةً مُثيرةً عبر الزمن، تكشف لنا عن جذورنا وتُساعدنا على فهم هويتنا بشكلٍ أفضل. من خلال استكشاف أسلافنا، نُدرك التحديات التي واجهوها والإنجازات التي حققوها، ممّا يُلهمنا ويزيد من شعورنا بالانتماء.

عائلة زين الدين من العائلات العريقة التي هاجرت من مختلف أنحاء الوطن العربي، معظمها من شبه الجزيرة العربية، واستقرت في عدة دول، منها: المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الكويت، دولة قطر، دولة فلسطين، المملكة الأردنية الهاشمية، الجمهورية العربية السورية، الجمهورية اللبنانية، جمهورية العراق، جمهورية مصر العربية، بعض دول المغرب العربي، دولة كندا، وغيرهم من دول العالم. وتنوعت كتابة اسم العائلة بين "زين الدين" و"الزين الدين" و"آل زين الدين".

نسب عائلة زين الدين

يعود نسب عائلة زين الدين السُنية المُقيمة في مملكة البحرين الى قبيلة بني هاشم العربية العدنانية او كما يعرفون بالهاشميين، حيث روى اغلب المؤرخون ان نسب العائلة يعود الى سبط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة الزهراء وهو الامام الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما[1][2]. فيما روى آخرون ان نسب العائلة يعود الى احد ابناء عم الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من سلالته مباشرة[3].

الذين ذكروا القول الاول ممن لهم وقوف على درج الانساب وهم الاغلبية، ينسبون زين الدين وهو جد العائلة الاكبر الى عائلة البلاسي التي تعود بنسبها الى موسى الكاظم وهو من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنهما[1]. ومنهم من قال ان زين الدين ليس من عائلة البلاسي، ولكنه من المشاهدة من ذرية علي الهادي الذي هو ايضاً من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنهما[2]. بينما يذكر من قال بالقول الثاني وهم الاقلية، ان جذر زين الدين هذا منفرد ولا يوجد الا في غزة، وهم هاشميون ولكن ليسوا من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة الزهراء، بل من سلالة اعمامه، ولم يحددوا اي عم[3].

شجرة عائلة زين الدين القديمة التي يظهر بها نسب الاستاذ كمال زين الدين[1]

وكما اكده العديد من المؤرخين وافراد العائلة، فإن جذر زين الدين يعود الى بني هاشم في مكة، حيث هاجر احد ابناء بني هاشم من الحجاز، ووصلت ذريته الى بلاد الشام وتحديداً الى المشاهرة بغزة في فلسطين واستقروا بها، ولم تكشف مصادر التاريخ عن السبب. ولكن هذه الرحله لم تكن مباشرة، فقد مروا من خلال بعض الدول المجاورة، ويقال ان ابرز هذه المحطات هي العراق[1]. ومن نسلهم جاء زين الدين بن ناصر الدين وهو جد العائلة الاكبر والذي بقي نسله يتكاثر واصبحت العائلة تُكنى باسمه، فمنهم من بقي في غزة ومنهم من هاجر. وكان ممن هاجر الاستاذ كمال زين الدين، وهو كمال بن احمد بن محمود بن احمد بن علي بن السيد حمودة بن السيد يوسف بن الشريف السيد سليمان زين الدين، حيث استقر في بداية الخمسينات من القرن العشرون في منطقة الخرج جنوب العاصمة السعودية الرياض، وعمل بها معلماً في وزارة التربية والتعليم السعودية، وبقي فيها حتى وافته المنية. ومن ثم انتقل أحد ابناءه وهو حسام زين الدين الى البحرين في تسعينات القرن العشرين، وعمل في وزارة الاعلام البحرينية، واستقر بمنطقة الرفاع مع اولاده وزوجته البحرينية من عائلة المفتاح، وهي عائلة تعود بنسبها الى قبيلة بني تميم العربية العدنانية.

ويُذكر ان لهذه العائلة فروع بالمنزلة ودمياط والمدينة المنورة وكفر قدوم وحلب. ويوجد عائلات بالقدس وبيروت وغيرها تشاركهم هذا اللقب ولكن لا قرابة بينهم[1]. اما في البحرين، تتواجد عائلة زين الدين في مختلف أنحاء البلاد، ويتركز تواجدهم بشكلٍ خاص في المنامة والمحرق، ولكن لاقرابة بينهم وبين هذا الفرع من العائلة في الرفاع.

تاريخ عائلة زين الدين

عائلة زين الدين من العائلات الاسلامية القديمة والعريقة في الوطن العربي المعروفة من قبل الالف، وكما ذُكر فهي من الاسر التي تعود بنسبها الى قبيلة بني هاشم، وهاشم هو سيدُ قريش عمرو بن عبد مناف، وسُمّي هاشماً لأنه هشم الخبز واتّخذ منه الثريد الذي كان يقدّمه لأهل مكة بعد أن يصبّ عليه المرق واللحم في عامٍ أصابهم القحطُ فيه، وأصبح القرشيون أغنياء بفضله لأنه مهّد لهم الطريق لرحلتَي الشتاء والصيف؛ واحدة إلى بلاد اليمن، والأخرى إلى بلاد الشام. واحتفظ بنو هاشم بريادة السلالة القرشية، ومثّلوا طليعةَ المجتمع في الحجاز، بوصفهم صفوةً أخلاقية وأهلَ الإدارة السياسية والاقتصادية، ونالوا بتقدير زوّار البيت الحرام واحترامهم[4]. ومن ابرز شخصيات بنو هاشم خاتم الانبياء محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، والعديد من الصحابة رضوان الله عليهم، مثل: اسد الله الحمزة بن عبد المطلب، امير المؤمنين علي بن أبي طالب، وسيدا شباب اهل الجنة الحسن والحسين، وغيرهم من آل عقيل بن أبي طالب، آل جعفر بن أبي طالب، آل العباس بن عبد المطلب (ومنهم خلفاء الدولة العباسية)، آل الحارث بن عبد المطلب، وآل أبو لهب بن عبد المطلب[5]. ومن شجعان هذه القبيلة من ساهموا في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي والأندلس، واقاموا فيها العديد من الامارات والدول.

وبالجملة عائلة زين الدين الهاشمية عائلة مشهورة منذ القدم ومعروفة بالشرف ومشهود لها به ولهم سيادة في السجلات القديمة وظهر منها فضلاء وصلحاء وتجار ووجهاء، منهم: الفاضل الشيخ حسن بن زين الدين والشيخ عمر زين الدين والسيد عبد القادر زين الدين والسيد خليل زين الدين، ولهم املاك قديمة في الزيتون والكروم[1].

ويُذكر ان الحاج احمد زين الدين - والد الاستاذ كمال زين الدين - كان من كبار التجار وكان معروفاً بين الناس وله الكثير من العلاقات الاجتماعية والعائلية  وكان مشهود له بالجود والكرم وحُسن الخُلُق وكان من أعيان مدينة غزة، وهو من سكان حارة زين الدين في حي الدرج والذي كان يسمى في ذلك الوقت بحي المال؛ لأن معظم العائلات التي سكنت هذا الحي كانوا من الاثرياء واصحاب النفوذ. وقد كان الحاج احمد يعمل في تجارة العطارة والاعشاب الطبية التي ورثها هو واخوته عن والدهم الحاج محمود زين الدين، وهو ما اشتهرت به عائلة زين الدين آنذاك. وكان العطار في ذلك الزمان عباره عن صيدلي حيث كانت جميع الامراض تُعالج بالأعشاب الطبية. ولم تقتصر تجارته على المستوى المحلي فقط؛ بل كان لديه العديد من المعاملات والتجارات في الخارج كما ذكر ابناءه. وبعد فتره طويلة من الشراكة هو واخوته انفصل عنهم وفتح محل جديد خاص به في سوق الزاوية امام مسجد الهنود، وهو سوق شعبي يقع بين شارعي عمر المختار والوحدة وسط مدينة غزة، ويمتد من ميدان فلسطين غربًا حتى المسجد العمري الكبير شرقًا. ومازال المحل موجود لغاية الان[6].

وفي العصر الحديث، برز العديد من أفراد العائلة زين الدين كنجوم ساطعة في مختلف المجالات، حيث حازوا على شهادات جامعية مرموقة وتبوّأوا مناصب مرموقة كأساتذة ومهندسين ومحاميين وغيرهم، مما ساهم في رفعة اسم العائلة وإثراء المجتمع.

خاتمة

تُعدّ عائلة زين الدين من العائلات العريقة التي حفرت اسمها بأحرفٍ من ذهبٍ في تاريخ مختلف الدول العربية. وتميّزت هذه العائلة بِكثرةِ علمائها ومفكريها و روادها في مختلف المجالات، ممّا جعلها تُسهمُ بشكلٍ فاعلٍ في نهضة المجتمع وتقدّمه. وما زالت عائلة زين الدين تُواصلُ عطاءها في العصر الحديث، من خلال أفرادها المتميزين الذين يُحملون راية الإبداع والتميّز في مختلف المجالات. وختامًا، فإنّ رحلة البحث في تاريخ ونسب العائلة هي رحلةٌ مُثمرةٌ تُثري حياتنا وتُعزّز شعورنا بالانتماء. فمن خلال التعمّق في جذورنا، نُصبح أكثر قدرةً على فهم أنفسنا وفهم العالم من حولنا.

المراجع